هـؤلاء يحبهـم الله
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد وعلى اله الطيبين وصحبه الغر الميامين ومن اتبعهم بإحسان الى يوم الدين.
إن محبة الله هي المنزلة التي تنافس فيها المتنافسون, وإليها شمر المشمرون, ومن أجلها تفانى المحبون, وهي اللذة التي من لم يظفر بها فعيشته كلها هموم, وحياته آلام وأحزان وشرور.
تالله لقد ذهب أهل المحبة بشرف الدنيا الآخرة إن لهم من محبة محبوبهم أوفر النصيب, وقد قضى الله جلّ وعلا يوم قدر مقادير الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة: أن المرء مع من أحب, فيالها من نعمة على المحبين سابغة.
إن أعظم ما يتمناه المؤمن والمؤمنة في هذه الحياة التيقن من محبة الله جلّ وعلا له, فتجده في كل موقف من مواقف حياته يتلمس هذا الحب ويبحث عنه, فمحبة الله جلّ وعلا هي أعظم مطلوب, وأجل مرغوب, فيا فرحة قلبه, ويا سعادة عمره من أحبه ملك الملوك وقيوم السموات والأرض.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف نحظى بمحبة الله جلّ وعلا لنا؟
والجواب هو:
إذا أردت أن يحبك الله جل جلاله فعليك بفعل المأمور على وفق منهج الرسول صلى الله عليه وسلم مع التجرد والإخلاص, وعليك أيضاً بترك المحظور أي (عليك بفعل المأمور وترك المحظور).
أخي الطيب المبارك أختي الفاضلة هناك أشياء كثيرة تجلب محبة الرب للعبد, لعلي أعرج على بعضها مع ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب و صحيح السنة, تكون عوناً لنا أن نحظى بمحبة الله جلّ وعلا فبالله نستعين ونقول:
إذا أردت أن يحبك الله فكن:
1. من المحسنين:
قال تعالى: {إن الله يحب المحسنين}البقرة (19) وقال صلى الله عليه وسلم: {إن الله محسن يحب الإحسان إلى كل شيء...} الحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (4/492) (8603) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.
والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو سبحانه يراك
2. كن مع المتقين:
قال تعالى: {إن الله يحب المتقين} سورة التوبة (4) والتقوى أن تجعل بينك وبين محارم الله وقاية, وذلك بفعل المأمور من الطاعات والقربات وترك المحظور من المعاصي والموبقات .
3. كن من المتوكلين:
قال تعالى: {إن الله يحب المتوكلين} سورة آل عمران الآية (159).
وحقيقة التوكل هو تفويض الأمر لله والتعلق به سبحانه في كل حال ولا يلتفت قلب العبد إلى غير ربه ومولاه.
4. كن من الصابرين:
قال تعالى: {إن الله يحب الصابرين} آل عمران (146).
الصبر هو حبس النفس عن الجزع والتسخط, وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن فعل الحرام من شق الجيوب ولطم الخدود.
والصبر ثلاثة صبر على طاعة الله, وصبر على معصية الله, وصبر على أقدار الله المؤلمة.
5. كن من المتبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى:
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} آل عمران (31) فالترجمة الفعلية لمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هي إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر وشرع عن الله جل جلاله, وذلك بفعل المأمور وترك المحظور.
6. كن من المجاهدين والمقاتلين في سبيل الله تعالى:
قال تعالى {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص}.الصف (4).
والمجاهدون في سبيل الله هم الذين يقاتلون أهل الكفر والعناد والزيغ والضلال لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى, والجهاد إما بالسنان أو باللسان أو القلم والبيان أو بالمال وقد جاءت الأدلة التي تدل على ذلك فارجع إليها في مظانها غير مأمور.
7. كن ذليلاً على إخوانك من المؤمنين عزيزاً على أعدائك من الكافرين:
قال تعالى :
{يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}المائدة (54).
8. كن مع المقسطين العادلين:
قال تعالى: {إن الله يحب المقسطين} المائدة (42).
والمقسطون هم العادلون المحقون الذين يدعون إلى الحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحكمون بين الناس بالقسط أي بالحق والعدل.
9. كن من التوابين المتطهرين:
قال تعالى: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} البقرة (222).
التوابون هم الذين إذا فعلوا فاحشة أو سيئة أو ظلموا أنفسهم بفعل الحرام ذكروا الله فندموا على ما فعلوا ورجعوا إلى الله من قريب وأقلعوا عن الذنب وعزموا عزماً أكيداً على عدم العودة إلى المعاصي أبداً, المتطهرون هم الذين يتنزهون عن القاذورات الباطنية والظاهرية .
10. تقرب إلى الله بالنوافل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى: "... وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته كنت سمعه...." الحديث أخرجه البخاري (6502) من حديث أبي هريرة.
11. الإمام العادل:
عند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم منه مجلساً يوم القيامة إمام عادل..." الحديث أخرجه أحمد في مسنده (11174) والترمذي (1329) والبيهقي في شعب الإيمان (9/473) (3981) وغيرهم.
12. كن نافعاً للناس:
عن عمر رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس..." الحديث أخرجه الطبراني في الصغير (2/106)(861) والأوسط (6/139) والكبير (11/84) (13468) والبيهقي في شعب الإيمان (6/14)(7366).
13. كن حسن الخلق :
عن أسامة بن شريك قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال الناس: "أي الناس أحب إلى الله يا رسول الله ؟ فقال: أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقاً" أخرجه ابن حبان في صحيحه (2/236) (486).
14. كن أميناً صادقاً حسن العشرة والجوار:
عن عبدالرحمن بن أبي قراد السلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحببتم أن يحبكم الله ورسوله فأدوا إذا ائتمنتم واصدقوا إذا حدثتم وأحسنوا جوار من جاوركم" أخرجه الطبراني في الأوسط (6/320) (6517) وفي الكبير كما في مجمع الزوائد (8/271) وحسن إسناده الألباني في صحيح الجامع (2/151) (1409).
15. كن قوياً في إيمانك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير ٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير.احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا, ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان".
أخرجه مسلم (4/2052) (2664).
16. كن أحد هؤلاء الثلاثة:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يحبهم الله رجل قام من الليل يتلوا كتاب الله ورجل تصدق بيمينه يخفيها من شماله ورجل كان في سرية فانهزم أصحابه فاستقبل العدو". أخرجه الترمذي (4/278) (2567).
17. كن من الزاهدين:
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس". أخرجه ابن ماجه (4102), والحاكم في المستدرك (7873) والبيهقي في شعب الإيمان (10043) وغيرهم قلت وهذا الحديث في سنده ضعف لأن في السند خالد بن عمرو ضعيف مجمع على ضعفه واتهمه الذهبي بالوضع والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع (922) والصحيحة (944).
18. اقرأ سورة الإخلاص:
عن عائشة أمنا أم المؤمنين رضي الله عنها قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم:
"بـ قل هو الله أحد" فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال سلوه لأي شيء يصنع ذلك, فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أخبروه أن الله يحبه" . متفق عليه البخاري (7375) مسلم (813).
19. كن كريماً جواداً:
عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كريم يحب الكرماء جواد يحب الجودة". أخرجه ابن عساكر في تاريخه (14/289), وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (1/19) (8) والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة وصحح إسناده الألباني في صحيح الجامع (2/155) (1800).
20. كن نافعاً لعيال الله:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الخلق كلهم عيال الله فأحب الخلق إليه أنفعهم لعياله". أخرجه الطبراني في الكبير (8/413-414) (9891) والبيهقي في شعب الإيمان (9/521) (7045) والهيثمي في كشف الأستار (2/289) من حديث أنس رضي الله عنه وغيرهم وحسن إسناده الألباني في صحيح الجامع (1/220) (172).
21. إذا كنت صائماً تعجل في فطرك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الله عز وجل إن أحب عبادي إلى أعجلهم فِطراً". أخرجه الترمذي (2/74) (700), وأحمد (7241) والطبراني في الأوسط (1/54) (149) والكبير (19/106) (239) وغيرهم بإسناد حسن.
22. كن عبداً تقيا خفياً:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي". أخرجه مسلم (2965).
23. كن حيياً عفيفاً متعففاً:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله يحب الحي الحليم العفيف المتعفف ويبغض الفاحش البذيء السُّؤَال المحلف إن الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والفحش من البذاء والبذاء في النار" (3/306) (2344) والبيهقي في شعب الإيمان (8/263) (5791) من حديث أبي هريرة بلفظ مقارب وغيرهم.
24. أحب أخاك في الله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً زار أخاً له في الله في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكاً فلما أتى عليه قال أين تريد؟ قال أريد أخاً لي في هذه القرية قال:هل لك عليه من نعمة تَرُبُّها؟ قال: لا غير أني أحببته في الله عز وجل قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه . أخرجه مسلم (4/1988) (2567).
25. كن محباً للحسن والحسين رضي الله عنهما:
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"هذان ابناي وابنا ابنتي, اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبها" أخرجه الترمذي (2966) وغيره وحسنه الألباني في صحيح الجامع (7003).
وعن يعلى بن مرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسين مني وأنا من حسين, أحب الله من أحب حسيناً, حسين سبط من الأسباط". أخرجه الترمذي (3775) وقال هذا حديث حسن وابن ماجه (144) والإمام أحمد في مسنده (17560) وغيرهم.
والحسن والحسين هما ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدا شباب أهل الجنة فاللهم إنا نشهدك على حب الحسن والحسين وسائر أهل البيت الطاهرين وجميع الصحابة الكرام رضي الله عن الجميع.
26. كن محباً للأنصار:
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق فمن أحبهم أحبه الله, ومن أبغضهم أبغضه الله" أخرجه البخاري (3783).
الأنصار هم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآووه ونصروه وعزروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه, ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ فقد أدوا الذي عليهم وبقي الذي لهم, فاللهم ارض عنهم وعن جميع الصحابة والعن من لعنهم, ونشهدك يا رب على حبنا لهم فتقبل منا واجمعنا بهم في الفردوس الأعلى عندك يا مليك يا مقتدر إنك ولي ذلك والقادر عليه ومولاه.
27. كن سمحاً في أمورك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء". أخرجه الترمذي (1319) والحاكم في المستدرك (2338)
نسأل المولى جل وعلا أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح الذي يقربنا إلى الله, ونكون أهلاً لمحبته سبحانه وتعالى حتى نفوز بجنته يوم القيامة { يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} و رزقنا الله واياكم معتقد صحيح وعمل مقبول.
اللهم امين
تحياتي للجميع
:: :D