الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
الحب في الله، والبغض في الله من أوضح العلامات على محبة الله -تعالى-، تمنن الله -تعالى- بهذه النعمة العظيمة على الصحابة الكرام، وعلى المتحابين في الله في كل زمان، فقال -تعالى-: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:63)
قال هرم بن حيان:إذا أقبل العبد بقلبه على الله -تعالى-، أقبل الله عليه بقلوب أوليائه، حتى يرزقهم مودته.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله -تعالى-: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ).
أليس من العجيب أن يمتلئ قلبك بحب أقوام من غير أرحام، ولا مصالح دنيوية، لا لشيء إلا لإيمانهم ومحبتهم لله -تعالى-، فهذا الحب من ثمرة محبة الله -تعالى-، وقد وعد الله -تعالى- بهذا الحب أهل الإيمان والعمل الصالح، فقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) (مريم:96). أي:مودة ومحبة في قلوب الخلق.
فالحب في الله -تعالى- علامة على محبة الله -تعالى-، وكلما ازداد حب العبد لله -تعالى- ازداد حبه في الله، وإذا تحاب اثنان في الله -تعالى-، كان أحبهما لأخيه أكثرهما حب الله -تعالى- وأفضلهما.
قال بعضهم:
أحبب لحب اللـه مـن كـان مؤمناً* وأبغض لبغض الله أهل التمرد
وماالدين إلا الحب والبغض والولا *كذاك البرامـن كـل غاوٍ ومعتد
وبالحب في الله-تعالى- يذوق العبد حلاوة الإيمان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار).
وبهذه المحبة التي تظل المتحابين في الله -تعالى-، يظلهم الله -تعالى- تحت ظل عرشه يوم القيامة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي).
وبهذه المحبة التي تجمع بين قلوب المتحابين في الدنيا يجمعهم الله -تعالى- في الجنة عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله الرجل يحب القوم ولم يلحق بهم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (المرء مع من أحب). ولا يدخلون الجنة إلا بهذه المحبة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
عن علي -رضي الله عنه- قال: عليكم بالإخوان، فإنهم عدة في الدنيا والآخرة، ألا تسمع إلى قول أهل النار: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ )(الشعراء).
وقد ورد في تفسيرها أن الرجل من أهل الجنة يقول: أين صديقي فلان، وصديقه في النار، فيقول الله -تعالى- أخرجوا له صديقه، فيقول من بقي في النار: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ).
وقال بعضهم: لا تستكثر أن يكون لك ألف صديق، ولا تستقل أن يكون لك عدو واحد.
بقلم الشيــخ: أحمد فريد حفظه اللــه .