"من خفايا قواعـــــــــــــــــــد العلـــــــم"
كلما كان الحال لـ الإنسان أشد عذرا في ترك العبادة، ومع ذلك صنع العبادة، كانت العبادة أحب إلى الله، وهـذا من خفايا قواعـــــــــــــــد العلم.
كلما كان العبد أشد عذرا في أن يترك العبادة لكنه أقبل عليها، مع أن العذر في حقه أعظم، يكون الصنيع هنـــــــــــا أحب إلى الله،
ومثالـــــــــــه: رفقة في سفر أضنى بهم السفر، حتى انـتهو إلى مستقرهم، فلما ناموا، وكان النوم أحب إليهم من أي شيء مفروح به، قـــــــام أحدهم بعد أن نام ركبهم، وليس أحب إليهم شيء من راحــــــة البدن لطول السفر، فقيامهم هنا معذورون لو لم يقوموا؛ لإن السفر مظنــــــــة العذاب، فإن قــــــام أحدهم على هذه الحال من العذر ووقف بين يـــــــدي الله يقرأ القرآن، ويناجي الله بكلامه، هذا يصبح في حينهـــــا من أحب الخلق إلى الله.
والآن أنت ونفسك، كلما استطعت في حال من الأعذار من مشاغل الدنيا المعروفة أن تخرج منها إلى أن تخلوا بربك، ولو والله برهـــــــــة من ساعة، ولودقائق معدودة وليس شرطا أن يراك أويدري عنك من حولك، تختطفها ذكرا، تسبيحا، تهليلا، صلاة طوافـــــــــا، بحسب حالك بحسب مقامك، كأنك تقول لربك رغم ماأنا فيه من متــــــاع إن كنت في لذة، أو رغم ماأنا فيه من نصب إن كنت في شدة ، إلا أنني لاأجد شيئا أفرح بــــــــــــه ويملء قلبي أعظم من أن أناجيــــــــــــــــــــك.
بمثل هذه الأحوال يشعر المؤمن بأثر الإيمان في حياته.
هؤلاء وأمثالهم هم اللذين قــــــــــــال الله _جل وعلا_ عنهم: {ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون اللذين ءامنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لاتبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم}.