ولقد شاع على ألسنة الكثير من الخطباء والوعاظ أنّ عمر بن الخطاب كان قد وأد ابنته في الجاهلية، ولطالما سمعنا هذه القصة على المنابر وفي المحاضرات والمواعظ،وخلاصة القصة: "أنه رضي الله عنه كان جالساً مع بعض أصحابه، إذ ضحك قليلاً، ثم بكى، فسأله مَن حضر، فقال: كنا في الجاهلية نصنع صنماً من العجوة، فنعبده، ثم نأكله، وهذا سبب ضحكي، أما بكائي، فلأنه كانت لي ابنة، فأردت وأدها، فأخذتها معي، وحفرت لها حفرة، فصارت تنفض التراب عن لحيتي، فدفنتها حية".
والعجيب أنّك تجد المرء من العوام لا يفقه من الإسلام شيئا ولا يحفظ من شرائعه أمرا إلاّ قصة وأد عمر لابنته!! والحقيقة المذهلة التي يتحمّل مسؤوليتها الخطباء والوعاظ أنّ هذه القصة باطلة وموضوعة وملفقة على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، والعجيب أنّه لا ذكر لها في كتب السنة والحديث أو كتب الآثار والتاريخ، ولا يعرف من مصادرها إلا ما يكذبه الرافضة الحاقدون من غير دليل ولا حجة.
والأصل أنه لا يُثْبَت مثل ذلك إلاّ بإسناد ثابت ، وليس لدينا إسناد ثابت بأن عمر رضي الله عنه فعل ذلك فعلا!
وممّا يؤكد زيفها ووضعها:
أ. أنّه من المعلوم أن أول امرأة تزوجها عمر - رضي الله عنه - هي زينب بنت مظعون أخت عثمان و قدامة فولدت له حفصة وعبد الله وعبد الرحمن الأكبر كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير: قال الواقدي وابن الكلبي وغيرهما تزوج عمر في الجاهلية زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون فولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وحفصة رضي الله عنهم. وكان ميلاد حفصة قبل البعثة بخمس سنين كما جاء في المستدرك وغيره عن عمر رضي الله عنه قال: ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، ولهذا فهي أكبر بنات عمر فلماذا لم يقم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بوأد ابنته حفصة رضي الله عنها وهي إبنته الكبري والتي تكنى بها أبا حفص؟، ولماذا يئد من هي أصغر منها؟ ولماذا انقطعت أخبار من وئدت فلم يذكرها أحد من أقاربها ولم نجد لها ذكرا في أبنائه؟ فقد سموا لنا جميعا وسمي لنا من تزوجهن عمر في الجاهلية والإسلام، ولم نقف فيما اطلعنا عليه من المراجع على شيء يوثق به في هذا الأمر. (انظر ترجمة أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها في "الإصاب" للحافظ ابن حجر (7/582).
ب. لم يعرف في بني عدي الذين ينتسب إليهم الفاروق وأد البنات بدليل أن أخته فاطمة بقيت حية حتى تزوجت سعيد بن زيد ابن عم عمر بن الخطاب.
ج-و بعد بحث في كتب الأحاديث و التخريج لم اجد له اثر الى في كتب الرافضة.
عدم ورودها في كتب السنة والحديث أو كتب الآثار والتاريخ دليل قاطع على بطلانها.
واخيرا فإن مسألة الطعن في الصحابة عن طريق القصص التي ظاهرها " البراءة " كثيرة جدا
لذا ينبغي على المرء أن يتثبت وأن يعرف من أين يأخذ العلم.
أءمل منكم الردود :) وشكراً.